ناشـَدْتُكَ اللهَ ياقُـدْسَ العُروبَةِ لا *** تُقمْ حِسابًا, لِمَنْ قَـدْ رَامَ تَمْوِيَها
فَمَا طُموحُ يَهُـودِ الشَّرْقِ يَنْفَعُهُم *** وَلاَ يَنَالُـونَ إلاَّ الْمَقْتَ تَشْوِيهَا
يا أُمّةَ الْقُدْسِ, لا يُحْزِنْكَ مَطْمَحُهُم *** فَإنَّ لِلْقـُدْسِ رَبًّـا, هُوَ يَحْمِيهَا
أمَّا الْجَـزائِرُ, فَهي مِنْ مُصـابِكُم *** في حَر ِنارِ الأسَى, تَشْكُو لِبَارِيهَا
آهٍ عَلَى أُمَّـةِ الْقُدْسِ الَّتِي بَسَطَتْ *** لِلْجارِ إحْسَانَها, وأسأَلْ مُجِيِريهَا
آهٍ, عَلَى كـَأْسِ ذُلٍّ, وَهيَ تَرْشُفُها *** وعَنْ صِغَارِ كـآباتٍ تُقـاسِيهَا(4)
..........................................................
" بنَي التَّايْمز " قَدْ جُرْتُمْ كَثيرًا *** فهَلْ لكُمْ عَنِ الْجَـوْرِ ازْدجَـارُ ؟
أَفي أَسْـواقِكُمْ نَصبًـا وغَصْبًا *** تَسـومُ (القِبْـلَة) الأُولى التّجَـارُ
إِخَالُ (القِبْلَةَ) انْسَجرتْ دِمَـاءً *** كَمَـا لِلْبَحْـرِ باللُّجـج انْسِجـارُ
تَرَوْنَ لَهـَا سِوَى العَرَبّي أَهْـلاً *** وتَـأْبَى التُّرْبُ فِيهَـا والْحِجَـارُ
فَـلَيْسَ لَهَـا بِلاَ فَمِهِ لِسَـانٌ *** وَلَيْسَ لَهَـا بِـلاَ دَمِـهِ نِجــارُ
ألَمْ يُؤْلِمْـكُمُ حَـرَمٌ مُبـاحٌ *** وشَعْبٌ يَسْتـجِـيرُ ولا يُجــارُ
إِذَنْ فالحَـرْبُ لِلْعَـربّي دَأْبٌ *** وَهَلْ تَخْفَى (الْبَسُوسُ) أو (الْفِجارُ)
شَدَدْتُمْ قَهْـرَهُ فَعَـلاَ انْفِجارًا *** وعُقُـبَى شِـدَّةِ القَهْر ِ انْفِجـارُ (
إنَّ هذا الإحساس بالخطر جعل الشاعر محمد العيد, كغيره من الشعراء العرب والمسلمين, يُحِسُّ بِهذا الاحساس العارم بالقدس وفلسطين وأرضها ونضالها, وبخاصة بعدَ أنْ بدأت خيوط المؤامرة تتضح والأطماع الصهيونية تكشر عن أنيابِها عندما دعت " لجنة بيل " إلى تقسيم فلسطين كحل وسط, أحس الشاعر بالكارثة, وتألَّمَ من هذا المشروع المبيت, وشعر بالخطر على " القدس " التي يقدّسُها ويَحْملُ لها في نفسه (كغيره من أبناء العرب والمسلمين) تقديرا خاصا لِمَا لَهَا من مكانة في النفوس, فتراه يتحدث في أسس عن " القدس " سنة 1937 م, ويؤكّدُ حقّ العرب فيها(9), يقول :
يا قِسْمَةَ القُدْسِ أَنْتِ ضِيزَى *** لم يَعْدِلْ القـاسِمونَ فِيكِ
مَضَوْا عَلى الحَيْفِ لَمْ يُبالُوا *** بِمَا جَـرَى مِنْ دَمٍ سَفيكِ
القُدْسُ لِلْعُربِ مِنْ زمـانٍ *** لَمْ يَقْبَلُـوا فيهِ مِنْ شريكِ
قَـدْ سامَهُ الأجْنَبُّي خَسْفًـا *** وهَـدَّ مِنْ رُكْنِهِ السَّمِيكِ
*
يا (لُنْدُرة) لـَوْدَرى بَنُونَـا *** لم يَأْمَنُوا الْغَـدْرَ مِنْ بَنيكِ
إخالُ شَعْبَ الْيَهُـودِ سـِرًّا *** سَبَاكِ بِالْعَسْجَـدِ السَّبِيكِ
أَهَكَـذَا تَفْصـِلُ الْقَضـاءِ *** بِحُكْمِهـا لَجْـنَةُ الْمَلِيكِ ؟
قَـدْ دَلَّ طُغْيانُ انْكِـلتْـرَا *** عَلَى فَـناء ٍ لَها وَشِيـكِ(10)
وفي سنة 1938 م نظم الشاعر قصيدته الموسومة بـ (يا عام), ونشرها في مجلة الشهاب الجزائرية يناجي فيها هذا العام ويستنطقه عن فلسطين, ويتحدّث فيها عن القضية العربية كلها سواء في فلسطين أو في شمال افريقيا, وما يجري فيها من مظالم ومآس يَمجُّهَا الذَّوق السليم, يقول:
يَا عـامُ هَلْ فِيكَ خَيرٌ *** لِلْمُسْلِمـينَ يُرَجَّـى
أَخُـوكَ يَا عـامُ فِيه *** لَيْلُ الْمَظَـالِم دَجَّى
صبَّ الأذَى فِيهِ صَبَّا *** فَرُجَّتِ الأَرْضُ رَجَّـا
ألَمْ تَـرَ الشّـرْقَ فِيهِ *** من المظَـالِم دَجَّـى
سِيمَتْ فلَسْطِينُ خَسْفًا *** عَجَّ الحِمَى مِنْهُ عَجَّـا
هَذا عن الأَهْل أُقْصِي *** وذَاكَ فِي السّجْنِ زُجَّا
وَفي الشّمـالِ هَنَاتٌ *** يَمُجُّهَا الذَّوْقُ مَجَّـا
والشَّرقُ وَلهانُ يَرْجُو *** أنْ يَسلكَ الأمْن فَجَّا
يـودُّ إقْنَـاعَ خَصْمٍ *** في غَمْطِه الحَقِّ لَجَّـا
ويَبْتَغـِي رَدْعَ جـانٍ *** وجْهَ الْعَدالةِ شَجَّـا(11